التصنيفات
Shalimar Tribune وكالة الأنباء الهندية النساء البارزات حركات نسائية سياسة الهند

إروم شارميلا تشانو؛ هندية من فولاذ

شهدت الهند في الاسبوع الثاني من أغسطس خبرا يمكن أن يكون الأكبر اهتماما بالنسبة إلى مجال الديموقراطية والحقوق المدنية، ألا وهي  إنهاء الإضراب الجوعي من قبل السيدة إروم شارميلا شانو إمرأة من عرقية “ميتاي” في ولاية مانفور بشمال شرق الهند. كانت السيدة إروم شارميلا شانوا تظل في إضرابها الجوعي لمدة ستة عشر عاما بدا من سنة 2000م تبعا لما قامت بها طائفة من الجنديين التابعين للكتيب المسمى “مسدسات آسام” التابع للقوات المسلحة الهندية من قتل جماعي على عشرة أشخاص في مانفور دون أي جريمة ولا مواجهة مع أحد من أولئك الجنديين وكانوا في الحقيقة في انتظار الباص في محطة هناك. قسمت السيدة إروم شاميلا شانو ألا تأكل شيئا ولا تقلم الأظفار لا تنظر في  المرآة ولا حتى تلقى مع أمها حتى تقوم الحكومة الهندية بإلغاء “قانون الميزات الخاصة المسموحة للقوات المسلحة” الهندية المسمى باسم “أفسبا (AFSPA)” الذي شجع هؤلاء الجنديين في الحقيقة للقيام بهذا العمل الشنيع وكذلك أحد الأحداث الأكثر غربة من أبعاد الإنسانية ولذلك مؤديا إلى جعله غير قابلي للتعاطف أبدا في تاريخ الهند.

هذا القانون من ضمن القوانين القارصة الأكثر تشددا على المواطنين والتي توحي بأن تم تنظيمها ولا يتم صيانتها إلا لمصالح بعض من رجال العسكر والوزارة الدفاعية من الحكومة، حيث أنه يعطي حماية تامة للجنديين على أي عمل قاموا بفعلها وإن كانت جريمة خالصة ضد الأبرياء أو حتى الإنسانية ويتم حمايتهم على أساس أن تنظيم مثل هذه القوانين والنشاطات المطابقة لها من متطلبات العمليات العسكرية والأمانة الوطنية. لم تكن كاشمير جنة من جنان الأرض وجنة الهند أمينة وسليمة في  التاريخ الحديث خاصة منذ أواخر أيام احتلال البريطانيا لشبه القارة الهندية حيث تم إجراء عدد كبير من الصراعات الصغرى والكبرى من جهات مختلفة وقد شهدت فيها عدد كبير من المسلمين وغير المسلمين وعدد المسلمين كثير جدا. حدثت كلها تبعا للأزمات السياسية التي أشعلتها بريطانيا المستعمرة المسيحية واشتدت أحوال الناس عامة والمسلمين خاصة لما اصطبغت القضية بصبغات الدين والمنطقة والعرق، فكانت الناس في مواجهات وصراعات دامية فيما بينهم بنطاق واسع في أنحاء كاشمير، فكانت تلك الصراعات وعمليات القتال مصحوبة بالعناصر “الهندوسين-المسلمين” و “البراهمة الكاشميرية المعروفة باسم “فانديت”-المسلمين (أكثرهم الفقراء) ذوي الأصول الأفغانية أو السيندية”؛ و “باكستان (دولة على الأصول الإسلامية)-الهند (دولة بأكثرية هندوسية)”. لم تنجب هذه الصراعات إلا عيونا دامية وعيونا دامعة للأبد ولكن قضية كاشمير مفترقة جدا عن القضيات السياسية العادية وإن شاء الله سنقوم بمناقشتها في مقال آخر.

irom-sharmila-680x365هيا نرجع إلى سبب السيدة إروم شارميلا شانوا لتبقى في الإضراب الجوعي وذلك لمدة ستة عشر عاما بدون توقف تماما ولم تر أمها مخافة أن ذلك اللقاء يمكن أن توقفها من هذا الإضراب التاريخي في العالم. كيف يصبح هذا الإضراب تاريخيا؟ الجواب أنه جوعي أي أهم شيء في هذا الإضراب هو عدم تناول  الطعام تماما!! نعرف أن معظم الأديان تقول عن الصيام عن طريق عدم الأكل والشرب ومن بينها صيام الإسلام يتميز حيث أن المسلمين لا يأكلون ولا يشربون شيئا منذ الفجر إلى المغرب، ولكن ماذا يبعث هذه الإمرأة أن لا تتناول شيئا وذلك لسبب دنيوي؟ لو نمعن الفكر في ذلك أو نبحث عن سببه فنرى هناك شخصا يقف كجبل راسخ ألا وهو السيد مهاتما غاندي أبي الوطن لجمهوية الهند الديموقراطية. أنا استخدمت هذا الاسم الرسمي للهند إراديا حيث أنه يوحي لنا معظم الأبعاد المهمة لهذه القضية حيث نفهم أن السيدة إروم شارميلا بقيت في الإضراب لمدة طويلة في تاريخ العالم كله ولا نرى قبلها إلا مهاتما غاندي ونالسان منديلا من هذا النوع-وأنا لا انظر بنظرة دونية نحو المظاهرات المطولة التاريخية من قبل الإخوان السود في أمريكا وأفريقا والمظاهرات الأخرى من حول العالم في مختلف السياقات-وذلك لسبب أن قوانين مثل هذه لا تجنى شيئا إلا مصالح النظام العسكري أو الحكومات الجبارة وهو أمر صعب جدا في مجتمع ديموقراطي مثل الهند التي تعرف عالميا بأكبر دولة ديموقراطية في العالم.

اختارت السيدة إروم شارميلا هذا الشكل للإضراب لأنها عرفت من التاريخ أن رجلا ضعيف الجسد لكن قوي النفس وقيم الكلمات ومؤثرا في النفوس استطاع من إخراج القوات البريطانية المحتلة ورجالها الأشرار فقط عن طريق إضرابه الجوعي في مختلف المواقف في تاريخ استقلال الهند. هذا لا يعني أن السيد مهاتما غاندي ينتمي إليه جميع المدائح على تحقيق الاستقلال الهندي من استعمار بريطانيا عام 1947م وليس بحق لو أقول كذلك، وإنما أقول أن جزء كبيرا من النشاطات التي تم قيامها من قبل الهنود في كافة أنحائها وحتى في خارجها في تلك الفترات النيرة تنتمي نظريا إلى أفكار غاندي المتسمة بالسمحة وعدم العنف وما إلى تلك من الأفكار. والإضراب الجوعي من ضمن تلك الأفكار تعرف باسم “ساتياغراها” في السانسكريتية التي حصلها السيد غاندي من السيد ءءءءء المظاهر السود الأمريكي ضد الاحتلال الأوروبي لقارة أمريكا ووالاستعمار على الأخوان السود والتمييز المطول التارخي الذي يجري حتى الآن من قبلهم ضدهم. قد استخدم السيد غاندي هذا السلاح الفعال في تاريخ الهند حتى ضد رجاله وأتباعه نفسه إذ شعر أنهم لا يطيعونه في الأمور ولا ينهج كثير منهم منهجه السلمي أثناء “حركة الاستقلال الهندية” وهي اسم الجنس يستخدم للتعريف على مئات من الآلاف من النشاطات السلمية والكمية الغير قليلة من العمليات والحروب المسلحة الدامية التي تم إجراؤها في بلاد الهند شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، فقط لتحقيق استقلال الهند من بريطانيا إضافة إلى القوات المستعمرة البرتغالية أو الإفرنجية أو الهولاندية.

AFSPA Manipurرغم أنها ضحت حياتها في شكل لم يسبقه أحد في الهند بشكل عام فإنها لم تنجح ولو جزئيا لأن الحكومات المختلفة التي جلست في البرلمان الهندي لم تقم بشيء ملموس ولا نبذة ولم تواجه إلا الوعود الفاضية من قبل الوزراء الكثيرين أو في الحيقيقة لم تلق في حياتها الإضرابية إجابة إيجابية بهذا الصدد!! لو نمعن الفكر في هذه القضية لوجدنا جلودنا تقشعر وعيوننا تتقفل بسبب الخجل الثقيل على أكتافنا لأننا الديموقراطية الكبيرة في العالم لم تستطع أن تلبي نداء حاسما لحاجة قانونية معقولة للعقلاء وذوو الإنسانية مقبولة بوجه حتمي لما قد تعرض الكثير من الهنود للمشاكل الغير مسبوقة ولم يزلوا يتعرضون خاصة في منطقة شمال الشرق الهندية وكاشمير…ولما نبحث عن حياة السيدة إروم شارميلا شانوا فنفهم أن ما هي الكمية التي قامت بتضحيتها لهذا الأجل العظيم، فمثلا انتهت حيضها من زمان وذلك لسبب تضحية جسدها للغاية وأنها قضت 44 سنة من حياتها ولم تتزوج رغم أن ليس لديها أي مشكلة خاصة بالنسبة إلى الأنوثة أو التناسل وأن صحتها قد أصبحت في حالة لا يمكن استرجاعها إلا جزئيا…والآن فكر أيها القارئ كيف تكون حياتك لو لم تر أمك ولا وجك أنت لمدة 16 سنة!! هذا ما اختارت اليسدة إروم شارميلا شانوا لنفسها حتى هذا السن المتأخر من ناحية…

نتوقع أن السيدة إروم شارميلا ستنجح في مرحلتها الثانية في الإضراب إن شاء الله حيث يتنسم سكان الهند نسيم الديموقراطية ونتوقع أننا سنراها متزوجة وسعيدة في حياتها الجديدة وملتقية مع أمها وكذلك نشيطة في نطاقها الجديد وهي الميذان السياسي لأجل المطالبات والمظاهرات للإنسانية وخاصة المرأة في الهند خاصة والعالم عامة.

بواسطة Abdulhadi Farooqi

Muslim; follower of Jamaluddin Afghani, Malcolm X, Umar Mukhtar, Muhammad Ali Jauhar, Maulana Azad, Jinnah, Sir Sayyed Ahmed Khan, Dr. Hamidullah of Hyderabad, Qaide Millath Muhd. Ismail Saheb, Vakkom Moulavi, Kattilassery Muhammad Musliyar, Muhd. Abdurrahman Saheb, Abussabah Ahmed Ali Al-Azhary, KM Seethi Saheb, E Moidu Moulavi and NV Abdussalam Moulavi on one hand; and KM Moulavi, Amani Moulavi & Umar Moulavi Thirurkad on the other; fan of Dr. BR Ambedkar, the Phules and EV Ramaswamy Naikkar; and a Social activist; Striving for paradise, through serving the universe and mankind...Graduate of Qatar University and a professional Arabic English Translator.

أضف تعليق