التصنيفات
Shalimar Tribune وكالة الأنباء الهندية كيرلا اللغة العربية في الهند المسلمون في الهند الأدب والفنون الأدب العربي تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها

دور اللغة العربية في نهضة كيرالا

خطبة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين

اليوم نتكلم عن دور اللغة العربية في نهضة كيرالا، فيستحسن أن نتناقش في معنى ومفاهيم النهضة أولا. ما هي النهضة؟ هي مجموعة كبيرة لعديدة من التطورات والتحويلات الاجتماعية ومن خلالها التحويلات والتغيرات المذهبية والسياسية والاقتصادية والدينية والنظرية عن الحياة حتى عند عوام الناس.

النهضة التي حدثت في العالم في العصور المتوسطة خاصة عصر النهضة في أوروبا والثورة الصناعية لم تكن إلا تأثيرا بالغا وتيارا كبيرا جدا سببتها اللغة العربية خاصة والمسلمون عامة. فكر عن عالم لم تنقل المعلومات من الإغريقيين إلى العرب ثم منهم إلى الأوروبيين (ولو لا يعترفون بذلك)، عن طريق النشاطات الترجمة في بيت الحكمة التي أسسها الخليفة هارون الرشيد؟ وعالم لم يكتب فيه “كتاب المناظر” لابن الهيثم، مؤسس علم المناظر ومخترع القوانين الأساسية للكاميرا وجهازه الخاص المسمى بالقمرة؟ )ماذا كنا نفعل للتصوير بالكاميرا، حتى في هذه الأيام؟( أو لم يكتب ابن سينا كتابه المشهور “القانون في الطب”، ولا ألف أبو القاسم الزهراوي الأكثر معروفا عند الأوروبيين في اسم Albucasis تأليفاته في الطب وخاصة في الجراحة وأدواته؟ وكيف نعرف عن الهند بالتفاصيل بدون كتاب الرحال العربي المشهور ابن بطوطة وكتابه “عجائب الأمصار وغرائب الأقطار” أو كتاب الهند للبيروني؟ وكيف نعين اللغة العربية واللغات الأخرى من خلال مواضيع العلوم الاجتماعية، لو لم يؤلف ابن خلدون “كتاب العبر وديوان المبتدئ والخبر للعرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”، الذي مقدمته أصبحت مشهورة أكثر في العالم باسم “مقدمة ابن خلدون”؟ وكيف يتكون عالم الفلسفة بدون كتب الكندي أو “تهافت الفلاسفة” للإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، أو “تهافت التهافت” لابن رشد؟ كيف يعرف العالم محاسن الأشعار بدون ذهبيات امرئ القيس أو نقائض الأخطل أو أشعار المتنبي والمعري والبحتري؟ فثم فكر عن عالم الأدب بدون الرسائل أو المقامات أو ألف ليلة وليلة أو الكليلة ودمنة أو المجامع الأدبية مثل البيان والتبيين للجاحظ او الفهرست للنديم أو الأغاني لأبي الفرج؟

نحن نعرف أن الناظر المحايد إلى هذا الموضوع يدهش للغاية ويمكن أن يفقد ذهنه مما يرى من الذخر الذي يتكون من مؤلفات عديدة، وأبعاد النهضة التي حققتها في المجتمع العربي خاصة والعالم عامة. والآن نتكلم عن كيرالا، التي أيضا شهدت هذه التيارات وأجابتها بطريقة ممتازة، حيث جاءت النهضة إلى كيرالا وحولتها-بشكل عام-تماما. بدون أي شك، واحد يستطيع أن يقول إن النهضة المليبارية تنتمي أولا ورئيسيا إلى التيار الإصلاحي في كيرالا من خلال الوجهات في المجتمع الإسلامي في كيرالا. بدأ الناس يتعلمون معاني القرآن الكريم بتفاصيلها في اللغة المليبارية-وخاصة النشاطات اللا نظيرية للمولوي ين. وي. عبد السلام في قرية أريكوت-مما أدت إلى استئصال الخرافات والعقائد الغير مثبتة في الشريعة الإسلامية الخالصة من حياة المسلمين. وهذا التغيير تابعته التحويلات التربوية حيث التحق أكثر أبناء المسلمين بالمدارس، مما آتي بالتحويلات الهائلة والتغيرات الأساسية في اقتصاد الناس ونظريتهم تجاه الحياة، فارتفعت درجتهم وتخلصوا من لوازم الفقر في الحياة-وهي الجهل والعلاقات الاجتماعية الغير مرتبة ودرجات عالية لإدمان الخمر وفوق كل هذا الشباب المعدمون، وفي بيوتهم نساء لم يطمعن ريح المدارس والكليات.

الكليات العربية في كيرالا-التي معظمها أنشئت تابعة للمدارس الإسلامية الحديثة التي أصدرها الحاج شاليلاكات كونج أحمد في وازاكاد-هي التي في الحقيقة أكبر المعاهد المسببة للنهضة عامة ونهضة المسلمين خاصة هنا، حيث كان أكثر الرجال الكبار لدعوة النهضة والإصلاح يشتغلون في تلك الكليات، يدرسون لرواتب قليلة جدا، بالإضافة إلى تعليم الناس القرآن الكريم مع بيان آياتها في اللغة المليبارية. بعد التخريج منها، بدأ الشباب المسلمون يتوظفون في وظائف سكرتيريه في البلدان العربية، ويكتسبون أموالا ملموسة-وطائلة أحيانا-مما يؤدي إلى العيش برغدة وسلامة. قد تخرجت ولم تتخرج من هذه الكليات مئات من البنات اللائي كن بعيدة من المدارس وحتى من ريحها، مؤديا إلى التزايد في تنفيذ التعاليم الإسلامية في بيوتهم وحياتهم اليومية، مطابقة مع قول النبي صلعم “المرأة ربة دارها”، أو القول المعروف “لو تربون رجلا تربون شخصا، وأما لو تربون امرأة فتربون جيلا كاملا”.

العلاقات العربية المليبارية قديمة جدا، ولم تزل حية حتى اليوم. كثير من العرب يأتون كيرالا كل سنة وذلك من خلال السياحة والمشاركة في نشاطات الدعوة والإرشاد، وكذلك لزيارة بيت عامل من عماله المليباريين. وهذا بمقابل عددنا الكبير جدا ممن يشتغلون لمدة سنوات كثيرة في البلدان العربية. طبعا، هذه العلاقات تأتي بعناصر النهضة إلى حياة كيرالا، كما أنها تجعل النهضة مستقرة. السياحة موضوع كبير، حيث أصبح هو قسما خاصا للكلام. وعلى الرغم من أن السياحة بشكل عام يتطور سنة فسنة، فإن السياحة الطبية تزيد أهميتها وإمكانياتها أكثر فأكثر يوميا. وفي السنوات الحالية، يأتي العرب إلى كيرالا لأجل الجراحة أو المداواة المعينة في كيرالا، وهذا يدلنا على إمكانياتهم للتعاون والترابط المزيد مع المليباريين، مما يؤدي إلى إبقاء وإحياء أبعاد النهضة التي لم تزل تعمل.
وعلى خلاف العقود الماضية، فقد زاد عدد القراء أو المطلعين إلى الصحف والمجلات العربية هذه الأيام، وأكثرهم يتزودون بها لغويا وثقافيا. وهذا يجعلهم على الأقل يعرفون أحوال العالم، وينتقدون بمنوال عالمي، وينشؤون منظارا عالميا.

وأكبر حقل من الحقول المهمة من هذا النوع هو الترجمة، فقد تم ترجمة كثيرة من الكتب في اللغة المليبارية إلى العربية، وكذلك بالعكس. طبعا، الكتب حية لا تنطق بل تفعل، فإنها تنقل مفاهيم نهضتنا إلى البدان العربية والشعب العربي، كما تنقل الثقافة العربية واللغة العربية إلى كيرالا. ويضاف إلى هذا المراسلات العديدة من البلدان العربية المتعلقة غالبا بالتوظيف، حيث تحول رسالة واحدة مسيرة أسرة فقيرة بائسة إلى حياة طيبة اقتصاديا وعقيديا واجتماعيا…
(11 نوفمبر 2015، أريكوت)

بواسطة Abdulhadi Farooqi

Muslim; follower of Jamaluddin Afghani, Malcolm X, Umar Mukhtar, Muhammad Ali Jauhar, Maulana Azad, Jinnah, Sir Sayyed Ahmed Khan, Dr. Hamidullah of Hyderabad, Qaide Millath Muhd. Ismail Saheb, Vakkom Moulavi, Kattilassery Muhammad Musliyar, Muhd. Abdurrahman Saheb, Abussabah Ahmed Ali Al-Azhary, KM Seethi Saheb, E Moidu Moulavi and NV Abdussalam Moulavi on one hand; and KM Moulavi, Amani Moulavi & Umar Moulavi Thirurkad on the other; fan of Dr. BR Ambedkar, the Phules and EV Ramaswamy Naikkar; and a Social activist; Striving for paradise, through serving the universe and mankind...Graduate of Qatar University and a professional Arabic English Translator.

أضف تعليق